ومن خلال الطرح السابق للقضايا المقصودة بالبحث يتبين لنا عظم المسؤلية الملقاة على طلبة العلم وبالذات المتخصصين في هذا المجال، فالتخلص من الوضع وخلفياته واجب إسلامي يحتّمه الواقع الذي نعيش فيه، وهي مهمة سهلة لمن وفقه الله, تتمثل في تهيئة المرء نفسه ليكون جندياً يذب عن حمى السنة المنيع, فيكوّن من نفسه عيوناً مبصرة وآذانا صاغية, لكل ما ينسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير, ثم يعرضه على موازين الأخبار التي نصبها العلماء الأجلاء في علامات الوضع, فما انطبقت عليه تلك العلامات أو بعضها وجب إطراحه، لأنه حينئذ كذب مصنوع, وبالتالي تنبيه قائله بأنه إنما يفرغ من فمه سماً زعافاً، لا كلاماً مباحاً فحسب, بَلْه أن يكون عسلاً مصفى عن الرسول.
ولا يمنعنا كون المتكلم ذا جاه أو علم, ولا كون الكلام طنّاناً ومعناه رنّاناً.. كلا، فإن الأمر دين. ولاشك أن الجهد الفردي لا يكون له أثر في محيط الجماعة, إذا لم تقم كلها بهذا الواجب المقدس, وعلى مستوى الدولة أيضا، لأن الضرر إذا وقع انعكست آثاره على الجميع, يقول الشيخ الصباغ:"ولئن كانت الدول اليوم تعاقب من يقدم على تعاطي الطب وهو ليس من أهل المهنة بالعقوبات الرادعة, فإن من واجب الدولة المسلمة, أن تجعل عقوبة من يروي الأحاديث الباطلة أشد، لأن ذلك يؤذي ببدن فرد, وهذا يؤذي دين الأمة"(١) .