وكما يجب علينا إماتة الموضوعات، فإنه - في اتجاه مقابل- يتحتم علينا إحياء السنة الصحيحة ونشرها بين الناس، ليكونوا على معرفة تامة بحقائق دينهم, يقول صلى الله عليه وسلم:"نضَّر الله امرءاً سمع منا شيئاً فبلغه كما سمعه, فرب مبلغ أوعى من سامع"(١) وقد خص المبلغ كما سمع بهذا الدعاء لأنه سعى في نضارة العلم وتجديد السنة، وقوله:"كما سمع" يعطي مفهوماً آخر, وهو ضرورة التحرز والحذر في نقل الصحيح، ولاشك أن هذا العمل شرف عظيم يتطلب الجد والمثابرة وتحمل الصعاب الشداد في سبيل تحصيله والمحافظة عليه, فإنه علم تصح به العقيدة ويصلح به الدين، وبه تحصل السلامة في الدنيا والآخرة, ونعني بهذا العلم "علم السنّة المطهرة" الذي به تستقيم الأمور, فهو من أشرف العلوم, لأن شرف العلم يكون بشرف المعلوم.
(١) رواه أبو داود في سننه في كتاب العلم باب فضل نشر العلم (٤ /٦٨ –٦٩ حديث رقم ٣٦٦٠) والترمذي في سننه في كتاب العلم باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع (٥/٣٣-٣٤ حديث رقم ٢٦٥٧) وابن ماجة في سننه في المقدمة باب من بلغ علماً (١/٨٤ حديث رقم ٢٣٠) والإمام أحمد في مسنده (٥/١٨٣) كلهم من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه مرفوعاً، واللفظ للترمذي، ثم قال بعد سياقه له حديث حسن. قال: وفي الباب عن عبد الله بن مسعود ومعاذ بن جبل وجبير بن مطعم وأبي الدرداء وأنس.