ولا شك أن أسعد الجميع حالاً من جعل شرع الله ووحيه هو إمامه وقائده وملهمه ومعلمه وموجهه، وهم سلف هذه الأمة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن التزم بنهجهم وطريقهم من التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم القيامة، ممن لم يرد عن الله بديلا، ولا عن شرعه تحويلا، وقد أيقن هؤلاء أن النور والحق والنجاح والفلاح في شرع الله: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً} النساء (١٢٢) {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً} النساء (٨٧) وأن ما عداه إنما هو وسواس الشياطين، ليس له نصيب ولا حظ من العلم والحق.
وفي هذه الدراسة سنذكر قول الفلاسفة في التوحيد، ونبين بطلانه بما يفتح الله عز وجل به من أوجه بطلان تلك المقالات، وإن كان يغني عن بيان بطلان الباطل سماعه، وذلك لأن مقالة الفلاسفة هي الأصل لسائر أقوال أهل التعطيل من الجهمية والمعتزلة وغيرهم.
كما سنلقي قبل ذلك الضوء على مذهب السلف في التوحيد، حتى يتبين مقدار الفرق بين المقالتين، وما تضفيه مقالة الفلاسفة على النفس من الظلمة والحرج، وما تكتسي به النفوس من النور والبهاء والراحة بتعرفها على ما جاء عن الله عز وجل وما جاء عن رسوله صلى الله عليه وسلم من توحيد الله تبارك وتعالى.
وقد جعلت هذه الدراسة في مقدمة وفصلين:
الفصل الأول: تعريف موجز بمذهب السلف في التوحيد.
وفيه تمهيد ومبحث واحد في: بيان أنوع التوحيد الواجب لله عز وجل عند السلف
الفصل الثاني: قول الفلاسفة في التوحيد وفيه تمهيد ومبحثان:
أما التمهيد: ففيه تعريف الفلسفة والفلاسفة
المبحث الأول: قول ملاحدة الفلاسفة وبيان بطلانه.
المبحث الثاني: قول المؤلهة من الفلاسفة، وبيان بطلانه.
المطلب الأول: قولهم في وجود الله تعالى وصفاته، وبيان بطلانه.
المطلب الثاني: قولهم في إيجاد الكون، وبيان بطلانه.
خاتمة: وفيها أهم النتائج.
الفصل الأول:
تعريف موجز بمذهب السلف في التوحيد
تمهيد: