للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا التوحيد على مذهب السلف ثلاثة أنواع هي: توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، وتوحيد الألوهية.

أولاً: توحيد الربوبية:

معناه، الإقرار بأن الله عز وجل هو الخالق الرازق المحي المميت المدبر لشؤون هذا الكون، والمتصرف فيه وحده، ليس له في ذلك ظهير ولا معين ولا شريك ولا مثيل.

ويصرح السلف بأن هذا النوع من التوحيد أدلته أكثر من أن تحصى أو تستقصى. ومن أهم هذه الأدلة وأظهرها: الفطرة.

والمراد بالفطرة لغة: الخلقة (١) .

أما المراد بها هنا فهو: أن الله تعالى قد خلق البشر عموماً على الإقرار بربوبيته تعالى وتوحيده، ومن المعلوم أن الله جل وعلا قد فطر الناس على أشياء كثيرة عديدة، ومن ضمن ما فطرهم عليه الاقرار لله بالربوبية. وهذا هو الذي يفسر اتفاق البشر على الإقرار لله بالربوبية، ولم يخالف في ذلك إلا شواذ من البشر من الملاحدة، مثل فرعون ومن كان على شاكلته (٢) .

ويستدلون لهذا الدليل بأدلة عديدة، منها:

قوله عز وجل {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} الأعراف (١٧٢) .


(١) اللسان ٥/٣٤٣٣.
(٢) من الجدير بالذكر أن الملاحدة يظهرون الإلحاد ويتبجحون به وإن كانوا في قرارة نفوسهم يعلمون أن الله خالقهم كما قال تعالى عن فرعون وقومه {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً} النمل (١٣-١٤) ، وقال تعالى ذاكراً خطاب موسى لفرعون {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً} الإسراء (١٠٢)