للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفلاسفة المؤلهة لا يعرفون الإيجاد من العدم ولا يقرون بأن الله تبارك وتعالى خلق الأشياء وأبدعها وهو مدبرها والمتصرف بشؤونها، وإنما يزعمون: أن المادة قديمة لا موجد لها ولا خالق، ويعزون إلى الله تبارك وتعالى نوع تأثير فيها، ويعزون إلى آلهة أخرى فاضت منه أو صدرت عنه الإيجاد والتدبير، على خلاف بينهم فيما نقل عنهم من رأي في ذلك، فإن بعضهم قد نقل عنه في ذلك كلام كثير، ومنهم من لم ينقل عنه إلا العبارات القليلة، فنذكر هنا قول بعض كبرائهم ومنهم:

سقراط: فقد زعم كما ذكرنا عنه من قبل: أن ثمة صانعاً فوق الآلهة ومدبراً فوق سائر الآلهة، والآلهة الأخرى هم أدوات يستعين بها في صنع الوجود (١) .

أما أفلاطون: فيزعم أن الله هو علة وجود العالم وسببه، ويزعم أن صور الأشياء (٢) التي يسميها المُثل أزلية، كما يعزى إليه أن المادة (٣) أزلية أيضاً، وهي في حركة دائمة، وأن الصانع أوجد: أولاً النفس الكلية مما يسميه المتشابه واللامتشابه، فصنعها شبيهة له فهي إلهة.

ومن النفس الكلية صنع العناصر الأربعة: الماء والهواء والنار والتراب. وأنه صنع من ذلك الكواكب، وجعل لها نفوساً خلقها مما بقي من خلق النفس الكلية، وجعلها آلهة عاقلة خالدة واتخذ منها أعواناً تصنع نفوس الخلق الآخرين.

ويقول: إن الصانع يعتني بسائر مصنوعاته كلياتها وجزئياتها (٤) .


(١) موسوعة الفلسفة (١/٥٧٩) .
(٢) يعني بالصورة شكل الشيء وصورته قبل تشكيل المادة على تلك الهيئة والصورة،وهي مراد أفلاطون بالمثل. انظر: المعجم الفلسفي (ص ٣٠٣) .
(٣) مرادهم بالمادة جرم الشيء وجسمه قبل إعطائه الهيئة والصورة ويسمى الهيولى. المعجم الفلسفي (ص ٢٩٧) .
(٤) في سبيل موسوعة فلسفية (ص ٥٤-٥٧) ، موسوعة الفلسفة (١/١٦٨-١٧٨) .