للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (١) "المسلم قد يترك المستحب إذا كان في فعله فساد راجح على مصلحته كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم بناء البيت على قواعد إبراهيم عليه السلام".

وقال - بعد كلامه في مسألة البسملة في الصلاة -: "أما التعصب لهذه المسائل ونحوها فمن شعائر الفرقة والاختلاف الذي نهينا عنه - إلى أن قال - ويستحب للرجل أن يقصد إلى تأليف القلوب بترك مثل هذه المستحبات، لأن مصلحة التأليف في الدين أعظم من مصلحة فعل مثل هذا". (٢)

قلت: هذا - والله - هو الفقه، فإن تكرار الجماعة مستحب، فإن كان يؤدي إلى مفسدة تفريق كلمة المسلمين وتمزيق وحدتهم وإيقاع الخلاف والفرقة بينهم فإنه يُترك وينهى عنه لأجل مصلحة اتحاد الكلمة ووحدة الصف، وتأليف القلوب الواجب شرعاً، وبه تتحد نصوص الشرع وحِكمها، ومن تدبّر مقاصد الشرع وفَقَه موارده وأدلته وما اشْتملتْ عليه من المصالح لم يَخْفَ عليه رجحان هذا القول وقربه من قواعد الشريعة. وبالله تعالى التوفيق.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

الخاتمة

تطرق هذا البحث بعد بيان فرضية الصلاة وأهمية أدائها جماعة إلى حكم إعادة الجماعة في المسجد بعد جماعة الإمام الراتب.

وقد ظهر اتفاق الفقهاء على أن المسجد إذا لم يكن له أهل معروفون بأن كان على شوارع الطرق أو كان لا إمام له ولا مؤذن فإنه لا يكره فيه تكرار الجماعة.

كما اتضح مذهب جمهور الفقهاء أنه إذا كان مسجد محلة وقد تقدم قوم فصلوا جماعة، ثم جاء الإمام الراتب بعدهم فإن له أن يصلي بأهله جماعة.


(١) مجموع الفتاوى ٢٤/١٩٥.
(٢) مجموع الفتاوي ٢٢/٤٠٥، ٤٠٧.