للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما إذا كان للمسجد إمام راتب ففاتت قوماً فيه الجماعة فهل يصلون جماعة بإمام غير الراتب بعد الراتب؟ ذهب جماعة من الفقهاء إلى المنع من إعادة الجماعة وقالوا يصلون فرادى، وذهب آخرون إلى استحباب إعادة الجماعة بالنسبة لهم إلا في المسجد الحرام والمسجد النبوي فإنه يكره فيهما إعادة الجماعة لئلا يتوانى الناس عن حضور الجماعة مع الراتب في المسجدين إذا أمكنهم الصلاة في جماعة أخرى وذلك في غير عذر كنوم ونحوه.

وقد بينت أدلة الفريقين وذكرت ما أورد عليهما ثم الجواب عن ذلك بالتفصيل، وفي الأخير ترجح لي - بعد النظر إلى أدلة الشرع ومقاصده ومصالحه المعتبرة - أن إعادة الجماعة إذا كان بقصد الاختلاف على الأئمة ومفارقة الجماعة أو لجأ إليها أهل الزيغ والضلال لإظهار نحلتهم وإعلان بدعتهم. فإن الإعادة تمنع حفاظاً على وحدة الصف واتحاد الكلمة ومنعا لأهل الباطل من إظهار بدعتهم.

وأما إذا لم تكن الإعادة على هذا الوجه بأن حصل لقوم تأخروا عن الجماعة لعذر - دون قصد الاختلاف والافتراق ومنابذة الأئمة وإظهار البدعة - فإن الإعادة والتكرار في هذه الحالة لا يُكره، بل يُشرع للأدلة المذكورة، وبه تتحد نصوص الشرع وحِكمها.

وبالله تعالى التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

المراجع

أحكام القرآن لابن العربي المالكي، تعليق محمد عبد القادر، دار الفكر.

الاستذكار لابن عبد البر تحقيق عبد المعطي قلعجي، القاهرة ١٣٩٣هـ.

الأصل للإمام محمد بن الحسن الشيباني. ط.الهند ١٣٩٣هـ.

إعلاء السنن للعلامة ظفر أحمد العثماني. كراتشي. ط: الأولى.

أعلام الموقعين عن رب العالمين للإمام محمد بن أبي بكر ابن القيم الجوزية، دار الجيل، بيروت.

الأم للإمام محمد إدريس الشافعي تحقيق محمود مطر جي، دار الكتب العلمية، بيروت ١٤١٣هـ.

بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للإمام علاء الدين الكاساني، مطبعة العاصمة، القاهرة.