أما الإسلام فقد جاء بحل المشكلة حلاًّ عمليّاً يقوم على العدل والمحبة والإخاء. فقد فرض الإسلام على الغنيِّ حصة في ماله يؤديها لأخيه المحتاج طيبة بها نفسه لا منة ولا تفضلا، بل ركن من أركان إسلامه يؤديه كما يؤدي الصلاة والحج (تلك هي الزكاة) الركن الثالث من أركان الإسلام.
فما الزكاة، وهل من الممكن أن تسد حاجة الفقراء؟
الزكاة جزء معلوم يؤدِّيه صاحب المال ليطهِّر نفسه من شُّح البخل، ويزكي ماله وينميه بما يُخلف الله عليه من بركة في ماله وطيب في كسبه {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} .
وفي الحديث:"ما نقص مال من صدقة".
ويختلف مقدارها باختلاف المال فقد تكون عشر المال، أو نصف العشر كما في الحبوب والثمار تبعاًً للمؤنة.
وقد تكون ربعه كما في زكاة النقد؛ النقدين وعروض التجارة، كما أنها تكون بخلاف ذلك كما في زكوات المواشي. وكل هذا مفصَّل في مظانِّه.
وإنما الغرض إيراد بعض الأحاديث الواردة في هذا الباب الدالة على تأكيده وأحاديث الوعيد الشديد لمن تحايل في أداء زكاة ماله. بل والحكم بالكفر على من أنكر وجوبها كما حدث لأصحاب الردة وإجماع الصحابة على قتالهم.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: "إنك ستأتي قوماً أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم" الحديث. متفق عليه.