للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد روى أبو عبيد من حديث عمرو بن شعيب أن معاذ بن جبل لم يزل بالجند، إذ بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن حتى مات النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر. ثم قدم على عمر فردَّه على ما كان عليه. فبعث إليه معاذ بثلث صدقة الناس فأنكر ذلك عمر، وقال: "لم أبعثك جابياً ولا آخذَ جزيةٍ ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس فتردها على فقرائهم". فقال معاذ: "ما بعثت إليك بشيء وأنا أجد أحداً يأخذه مني". فلما كان العام الثاني بعث إليه بشطر الصدقة، فتراجعا بمثل ذلك. فلما كان العام الثالث بعث إليه بها كلها، فراجعه عمر بمثل ما راجعه قبل ذلك. فقال معاذ: "ما وجدت أحداً يأخذ مني شيئا" [١] .

فهذا المقدار المعلوم في أموال الأغنياء للفقراء فرضه الحكيم الخبير العالم بمصالح عباده، فلو أنه غير كاف لفرض أكثر منه، وهذا الحديث وغيره من الأحاديث والوقائع إنما تدل على حكمة هذه الشريعة الخالدة الصالحة لكل زمان ومكان، والحمد لله رب العالمين.


[١] الأموال ص٥٩٦.