وقال السيوطي في التدريب:"وهذا النوع من التدليس يسميه القدماء تجويدا, فيقولون: "جوده فلان"أي ذكر من فيه الأجواد وحذف غيرهم", قال الشافعي:"يثبت أصل التدليس بمرة واحدة"وقال ابن الصلاح: "والحكم بأنه لا يقبل من المدلس حتى يبين, قد أجراه الشافعي فمن عرفناه دلس مرة, وممن حكى هذا القول عن الشافعي البيهقي في المدخل".
طبقات المدلسين:
المدلسون ليسوا على حد واحد بحيث تتوقف في كل ما قال فيه كل واحد منهم (عن) أو وحدة من أختيها اللتين تقدمتا معها أو بغير أداة ولم يصرح بالسماع بل هم خمس طبقات:
أولا: من لم يوصف بالتدليس إلاّّ نادرا جدا بحيث ينبغي ألا يعد في المدلسين كيحيي بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة وموسى بن عقبة, ممن سيأتي ذكرهم في طبقتهم إن شاء الله.
ثانيا: من احتمل الأئمة تدليسه وخرّجوا له في الصحيح وإن لم يصرح بالسماع, وذلك لواحد من أسباب ثلاثة:
أ - إ ما لإمامته.
ب - وإما لقلة تدليسه في جنب ما روى
ج - وإما لأنه لا يدلس إلاّ عن ثقة, كالزهري وسليمان الأعمش وإبراهيم النخعي وإسماعيل بن أبي خالد وسليمان التيمي وحميد الطويل والحكم بن عتيبة ويحي بن أبي كثير وابن جريح والثوري وابن عيينة وشريك القاضي وهشيم, ممن ستأتي تراجمهم في طبقتهم - إن شاء الله -, ففي الصحيحين وغيرهما لهؤلاء الحديث الكثير مما ليس فيه التصريح بالسماع وحمل بعض الأئمة ذلك على أن الشيخين اطلعا على سماع الواحد من أمثال هؤلاء لذلك الحديث الذي أخرجه بلفظ (عن) ونحوها عن شيخه, ولكن في هذا نظر؛ بل الظاهر أن ذلك لواحد من الأسباب الثلاثة التي تقدمت آنفا, وهذا هو الراجح, قال البخاري:"لا أعرف لسفيان الثوري عن حبيب ابن أبي ثابت ولا عن سلمة بن كهيل ولا عن منصور في جملة مشايخ كثيرين من قال: لا أعرف لسفيان عن هؤلاء تدليسا ... ما أقل تدليسه".