واستجابة لحق البطون، ونزولا على مطالبها، واعترافا بحق الفقراء والمحتاجين في أن يعيشوا مع الأغنياء عيشة كريمة يشاركونهم في خيرات الأرض التي يعيشون عليها، وينعمون معهم بما جاد به غنيهم، من أجل هذا كله أوجب الإسلام الزكاة وجعلها حقا لهم لا منة يمتن بها عليهم، وأوجب على الدولة أن تأخذها طوعا أو كرها.
نعم. من أجل الفقراء شهر الحاكم الإسلامي أبو بكر رضي الله عنه سيفه في وجوه الذين منعوا الزكاة وقال كلمته المشهورة:"والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها"رواه الستة.
ولم يكتفي الإسلام بهذا بل وضع الأساس لإقامة مجتمع تعاوني تسوده المحبة وتسري فيه روح الأخوة شعاره قوله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[٢٠] وقوله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا"رواه الشيخان. وقوله عليه الصلاة والسلام:"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له الجسد بالسهر والحمى" رواه مسلم.
وقوله في حديث آخر:"من كان عنده فضل ظهر فليَعُد به على من لا ظهر له، ومن كان عنده فضل زاد فليَعُد به على من لا زاد له". قال أبو سعيد راوي الحديث:"فذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لاحق لأحد منا في الفضل"رواه مسلم.
ويضرب الرسول صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في الاهتمام بالفقراء والعمل على راحتهم، وتقديم كل عون لهم ليكون قدوة وأسوة للحكَّام في إعانة المحتاجين، ورعاية البائسين.