روى الإمام أحمد أن عليا وفاطمة رضي الله عنهما ذهبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علي:"والله لقد سنوت حتى اشتكيت صدري"، وقالت فاطمة:"لقد طحنت حتى مجلت يداي وقد جاءك الله بسبي وسعة فأخدمنا"فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم من الجوع ولكن أبيعهم وأنفق عليهم أثمانهم".
هكذا حارب الإسلام الفقر بالعمل، وقضى على البطالة والكسل، وقدم المعونة للضعفاء والفقراء، ووفر لهم حياة طيبة وعيشة كريمة في ظل نظام محكم متين تتوثق فيه الروابط وتقوى فيه أواصر المودة بين الأفراد على اختلاف حالاتهم ودرجاتهم.
وكما حارب الإسلام الجهل والفقر والمرض نظريا وعمليا حارب الرذيلة وأغلق منافذها، ونفر من الشرور ووقف في طريقها، وحذّر من الظلم وبيَّن سوء مغبته ووخامة عاقبته قال تعالى:{يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}[٢١] .
وقال سبحانه في حديث قدسي رواه مسلم:"يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا".
ويشتد الرسول صلى الله عليه وسلم في التحذير من الظلم فيبين أن الظلم يلتهم كل ما يصنع العبد من عبادات وحسنات ويعرض صاحبه للإفلاس ويرمي به في النار وبئس القرار قال صلى الله عليه وسلم:"أتدرون من المفلس؟ "قالوا: "المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع". فقال:"إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن تقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم يطرح في النار" أخرجه مسلم.