وقد أثمرت جهود ابن باديس فلم يأت عام ١٣٤٠ حتى كان تلاميذه يتجاوزون الألف، وقد كفاه الله شر الاستعمار، وكان له من وجود والده درع وقاية من بطش فرنسا التي لا تصبر على أقل من هذه الحركات، وكان لوالده مقام محترم عند حكومة الجزائر، فسكتت عن الابن احتراما لشخصية والده كما يقول الشيخ البشير الإبراهيمي.
طريقته في التربية:
يمكن أن نتعرف على أسلوبه في التربية والتعليم من قوله: لن يصلح المسلمون إلا إذا صلح علماؤهم، لأنهم بمثابة القلب للأمة، ولن يصلح العلماء إلا إذا صلح تعليمهم، ولن يصلح التعليم إلا إذا رجعنا به إلى التعليم النبوي في شكله وموضوعه، في مادته وصورته، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم:" إنما بعثت معلما " رواه مسلم.
فهو لا يسير على طريقة معاصريه من العلماء الذين كانوا يعكفون على كتب المتأخرين من المتون والمختصرات وخاصة في الفروع الفقهية مبتوتة عن أدلتها الشرعية، وكان يرى أن المسلمين لم يضعفوا إلا عندما فرقوا بين العلم والعمل، فكثرت البدع والضلالات، وجاءت الفرق الباطنية فعملت على أن تدخل في العقائد الإسلامية كثيرا من الضلالات عن طريق المتصوفة الذين فصلوا بين علوم الظاهر والباطن، مع أن الخلق القويم لابدّ أن يكون نتيجة تطابق الباطن مع الظاهر، ويقول ابن باديس: العلم قبل العمل، ومن دخل العمل بغير علم لا يأمن على نفسه من الضلال، كما يقول: إنما ينهض المسلمون بمقتضيات إيمانهم بالله ورسوله إذا كانت لهم قوة، وإنما تكون لهم قوة إذا كانت لهم جماعة تفكر وتدير.. إننا نربي والحمد لله تلامذتنا على القرآن، ونوجه نفوسهم إلى القرآن من أول يوم وفي كل يوم، وغايتنا التي ستتحقق أن يكوّن القرآن منهم رجالا كرجال سلفهم، وعلى هؤلاء الرجال القرآنيين تعلق هذه الأمة آمالها وفي سبيل تكوينهم تلتقي جهودنا وجهودها.