ويبين لهم عاقبة التبعية العمياء ومدى جنايتها عليهم كما قال تعالى {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً} .
فالتقليد الأعمى من شر ما تبتلى به الأفراد والجماعات لأنه يميت مواهب الفكر والنظر ويوجب جمودها وركودها، ولا يميز بين الحق والباطل ولا بين الصواب والخطأ، ولا يفرق بين التقليد في الخير والتقليد في الشر، ويحمل أهله على الإعراض عن الحق ومعاداة أهله، والوقوف في طريق الإصلاح والمصلحين، والجمود على العقائد والمذاهب الموروثة والتعصب الجماعي لحمايتها، لأن قيام العقائد والمذاهب على أساس الوراثة وتقليد الآباء والأجداد يضفي عليها قداسة تستحوذ على عواطف الوارثين لها، وتصرفهم عن التفكير في صحتها أو بطلانها، ومعارضة كل إصلاح جديد يخالفها، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقائق في آيات كثيرة في شأن معاداة الأمم الماضية لدعوة رسلهم {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} ، وقال في شأن معاداة قريش للدعوة الإسلامية {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ أجعل أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ} .