للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجه مناسبة الآية الأولى لما قبلها أنه سبحانه وتعالى لما بين للمؤمنين ما تقوم به الجماعة المؤمنة من إيمان بالله يصاحب المؤمن إلى آخر حياته، ومن اعتصام بحبل الله وهو كتابه الكريم، ومن أخوة بين المؤمنين تربطهم برباط الإيمان، بيّن بهذه الآية الهدف الذي تسعى إليه الجماعة الإسلامية وتعمل على تحقيقه، ويكون وظيفة لها تصون به المجتمع الإسلامي من عوامل التحلل والانحراف وتقوده إلى ما فيه الخير والفلاح فقال سبحانه وتعالى {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} أمر سبحانه أن تكون هناك جماعة من المسلمين تقوم بالدعوة إلى الخير إلى دين الله والأخذ بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم و (مِن) في الآية للتبعيض، لأن الجماعة المأمورة هي المستطيعة لأداء ما كلفت به ولا تكون إلا من العلماء الدارسين لكتاب الله وسنة رسوله وهم بعض الأمة {وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} وهذا من عطف الخاص على العام، لأن قوام الدعوة إلى الله وحفظها إنما يكون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم بين سبحانه أن الأمة الإسلامية إذا قامت بهذا التكليف كان جزاؤها الفلاح في الدنيا والآخرة {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ثم حذر الله سبحانه وتعالى من التفرق والاختلاف بعد وضوح آيات الله ونصوص شريعته لأن هذا يجرهم إلى ضياع ما أعد لهم من الفلاح وانخراطهم في سلك من عذبوا بسبب تفرقهم وتركهم ما كلفوا به فقال {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} في دنياهم وأخراهم.