فحكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنه فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الأمة جميعها وإذا لم يقم به أحد أثمت الأمة بتمامها، وكل فرد مكلف بأن يأمر نفسه بالمعروف وينهاها عن المنكر كما يأمر غيره وينهاه، وإهماله نفسه لا يرفع عنه التكليف بالنسبة لغيره.
وهناك أمور من الشريعة معلومة لجميع الناس مثل وجوب الصلاة والزكاة والصيام وحرمة القتل والزنا والسرقة وشرب الخمر فمثل هذه الأمور التكليف فيها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شامل لجميع الناس، وما عداها مختص بأولي العلم والمعرفة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له ناحيتان: ناحية عامة وناحية خاصة.
أما الناحية العامة فالمطلوب فيها العمل على قدر الاستطاعة في حدود قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه " فتغيير المنكر واجب على كل فرد بما يراه ميسورا له إما بالأسهل كالكلام، أو بالأشد كالمنع باليد إذا لم يترتب على استعمال القوة إثارة عصبية ينتج عنها فتنة ومقاتلة، وعليه في هذه الحال الانتقال إلى الإنكار باللسان وطلب الكف عن المنكر وإلا فلينكر بقلبه وإلا كان شريكا له في الإثم.
وهذا التكليف لا يتعدى مرتبة الوعظ والإرشاد وتحاشي الضرر والفتنة وليس قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} ليس معارضا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنه لا تتحقق الهداية إلا بالقيام بالواجبات، ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا فعلوا فقد بلّغوا ولا يضرهم بعد هذا من لم يهتد، لأن الهداية من شئون الله سبحانه وتعالى كما قال لرسوله {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} .