للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان عليهم أن يصبروا بعض الوقت على شظف العيش، فيجتزئوا باليسير الرخيص مما يقيم الأود وقد يسر الله لكل قادر منهم العمل الذي يكفه عن الحاجة.. وقيض لهم من يساعدهم في تلك المرحلة، من أمثالهم الذين سبقوهم إلى هذا المهجر، الذي إليه تهفو الأفئدة من أقاصي العالم الإسلامي وما هي إلا بضع سنوات حتى انفرج ضيقهم، ورد رزقهم، وجاءتهم رحمة الله بالهوية السعودية من حيث لم يكونوا يحتسبون!..

ويلج الحاج عبد الله بالأمس عتبة الثمانين.. وينتشر من حوله أقرباؤه وأبناؤه وأحفاده الذين طالما تطلع إليهم من وراء الغيب، فكانت أخيلتهم وخشيته على دينهم السبب الأكبر في هجراته، التي استقرت في هذا البلد المبارك منذ ما يقارب الأربعين من السنين..

لقد نجاه الله بفضله من جحيم الضلالات الهدامة، التي جرفت الكثرة من أجيال بلاده في ظل الشيوعية الدموية.. ولكن ... هل استطاع مع ذلك أن يصون أبناءه أو بعضهم من سمومها حتى في مهبط الوحي!.. وهل استطاع أن يحفظ عليهم الدين الذي تحمل في سبيله كل ذلك البلاء المبين!..

ويتخيل أحيانا واقعه وماضيه فيتلو على نفسه في خشوع عميق قول الله عن لسان يوسف الصديق: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} .


[١] غوستوار من مقدونية.