وإليكم بعض العمل الذي قام به المستشرق المذكور في كتابه آنف الذكر. ترجم في الصفحة الثالثة من كتابه لأبان بن عثمان بن عفان الأموي رحمه الله تعالى لكونه أول مؤلف في المغازي والسير، وهو إمام كبير وتابعي ثقة [٢] وعندما لم يجد المستشرق شيئا في ترجمته يمس به عدالته وإمامته، أتى في ترجمته هذه العبارة "ولم تقصر عناية أهل المدينة على العلوم الدينية وحدها، بل عنوا أعظم عناية بالموسيقى والشعر، ومن الخطأ أن يظن أنه لا توجد صلات بين العلماء والشعراء، وإن علماء الدين كانوا جميعا معادين للشعر، بل وجد في المدينة نفسها أعلام من العلماء الدينيين قد برزوا في قول الشعر، وأشهر مثل لذلك تتحقق فيه هذه الصلة عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وهو ممن حارب مع النبي في أُحد، وقد خصص أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني [٣] فصلا لعبيد الله هذا، وأورد طائفة من شعره، وفعل مثل ذلك ابن سعد في طبقاته [٤] وهو معدود من فقهاء المدينة السبعة.
وحينما تيمه حب هذلية حسناء دعا الفقهاء الستة الآخرين في أشعاره التي يخاطبها بها، ليشهدوا على قوة حبه الذي برح به قال:
أحبك حبا لو علمت ببعضه.
لجدت ولم يصعب عليك شديد.
فحبك - يا أم الصبي - مدلهي.
شهيدي أبو بكر وأي شهيد [٥] .
ويعلم وجدي القاسم بن محمد.
وعروة ما ألقى بكم وسعيد.
ويعلم ما أخفى سليمان علمه.
وخارجة يبدي لنا ويعيد.
متى تسألي عما أقول فتخبري.
فللحب عندي طارف وتليد.
قلت: عجيب أمر هذه الآبيات المنسوبة إلى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود رحمه الله تعالى، أُنظروا براعة المستشرق في إيرادها في ترجمة أبان بن عثمان الأموي رحمه الله تعالى، ثم عندي بعض الأسئلة أرغب في توجيهها إلى المستشرق: