قوله تعالى:{وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى} هذه الآية الكريمة تدل على أنه لا ينتفع أحد بعمل غير. وقد جاءت آية أخرى تدل على أن بعض الناس ربما انتفع بعمل غيره وهي قوله تعالى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ} الآية. فرفع درجات الأولاد سواء قلنا انهم الكبار أو الصغار نفع حاصل لهم وإنما حصل لهم بعمل آبائهم لا بعمل أنفسهم. اعلم أولا أن ما روي عن ابن عباس من أن هذا كان شرعا لمن قبلنا فنسخ في شرعنا غير صحيح بل آية وأن ليس للإنسان محكمة كما أن القول بأن المراد بالإنسان خصوص الكافر غير الصحيح أيضا والجواب من ثلاثة أوجه:
الأول - إن الآية إنما دلت على نفي ملك الإنسان لغير سعيه ولم تدل على نفي انتفاعه بسعي غيره لأنه لم يقل وأن لن ينتفع الإنسان إلا بما سعى. وإنما قال وأن ليس للإنسان. وبين الأمرين فرق ظاهر لأن سعي الغير ملك لساعيه إن شاء بذله لغيره فانتفع به ذلك الغير وإن شاء أبقاه لنفسه وقد أجمع العلماء على انتفاع الميت بالصلاة عليه والدعاء له والحج عنه ونحو ذلك مما ثبت الانتفاع بعمل الغير فيه.
الثاني - أن إيمان الذرية هو السبب الأكبر في رفع درجاتهم إذ لو كانوا كفارا لما حصل لهم ذلك فإيمان العبد وطاعته سعي منه في انتفاعه بعمل غيره من المسلمين كما وقع في الصلاة في الجماعة فإن صلاة بعضهم مع بعض يتضاعف بها الأجر زيادة على صلاته منفردا وتلك المضاعفة انتفاع بعمل الغير سعى فيه المصلي بإيمانه وصلاته في الجماعة. وهذا الوجه يشير بعضهم مع بعض يتضاعف بها الأجر زيادة على صلاته منفردا وتلك المضاعفة انتفاع بعمل الغير سعى فيه المصلي بإيمانه وصلاته في الجماعة. وهذا الوجه يشير ليه قوله تعالى:{وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ} .