هذه الآيات التي تلوناها وأضعافها في القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تدور على حقيقة واحدة بشتى الأساليب من عموم وشمول وإحاطة وإجمال وتفصيل واستقصاء واستيعاب وقصر وتأكيد مما لا يدع بعض هذه النصوص فضلا عن جميعها أدنى شك في أن الله وحده هو المنفرد بهذا الكمال وأن ادعاء علم الغيب لأحد غير الله سواء رسول الله أو غيره تكذيب وقح لله ولرسوله ولكتابه شاء ذلك أو أباه.
ولنضف إلى ما سبق نصوصا أخرى تخص رسول الله بالذات بنفي علم الغيب عنه زيادة في إقامة الحجة.
وقد سبقت الإشارة إلى معاني هاتين الآيتين، إلا أننا نلفت النظر هنا إلى أنه يجب أن نفهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجميع الرسل عليهم الصلاة والسلام مع أنه يوحى إليهم لا يجوز أن يعتقد فيهم أنهم يعلمون الغيب بدليل أنه جمع في آية واحدة بين نفي علم الغيب عنه وإثبات الوحي له إذا فعلم الغيب شيء وكونهم يوحى إليهم شيء آخر ولو جاز أن يعتقد فيهم ذلك لجاز الاعتقاد ونفسه في كل من بلغوه ذلك الوحي وهو في غاية البطلان والضلال.
٣- وقال تعالى معاتبا نبيه صلى الله عليه وسلم:{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} .