فسبب هذا العتاب أن بعض الأشخاص استأذنوه صلى الله عليه وسلم في القعود عن الجهاد وقدموا إليه معاذير غير صحيحة ولا واقعة فأذن لهم بناء على تلك الأعذار التي قدموها ظانا صحتها وواقعيتها غير عالم أن الله سيعاتبه في هذا الأمر وإلا لما أقدم عليه وهو أحرص الناس على مرضاة ربه وقال تعالى:{وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} فهؤلاء المنافقون من سكان المدينة ومن حولها والمنافقون من أهل المدينة بالذات قد مهروا في النفاق لكثرة ممارستهم له حتى أتقنوه وهم ولا شك يشكلون خطرا على رسالته وأصحابه ومع ممارستهم إياه مدة طويلة وفي قلب المدينة إلى تسع سنين ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعلمهم كما قال تعالى:
ففي هذه النصوص ما يشفي المؤمن ويقنعه أن علم الغيب مختص بالله وحده وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدعي ذلك وإذا كان كذلك فغير رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى وأولى.
ولننتقل إلى رحاب السنة المطهرة.
١- عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي بنحو مما أسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من نار".