فالحديث صريح أن الرسول صلى الله عليه وسلم بشر والبشر وغريرهم من المخلوقات لا يعلمون الغيب وإنما ذلك لله وحده ولرسول الله يخشى أن يقلب بعض الناس للسنهم وفصاحتهم الحق باطلا والباطل حقا فيقضي رسول الله بنحو ما يسمع لأن بواطن الأمور وسرائر النفوس وخفاياها لا يعلمها إلا الله.
٢- وروى الإمام مسلم عن مسروق قال: كنت متكئا عند عائشة رضي الله عنها قالت: يا أبا عائشة ثلاث من تحدث بواحدة منهم فقد أعظم على الله الفرية.
قلت ما هن، قالت من زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية قال وكنت متكئا فجلست فقلت: يا أم المؤمنين أنظريني ولا تعجليني ألم يقل الله ولقد رآه بالأفق المبين ولقد رآه نزلة أخرى.
فقالت: أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله صلى عليه وسلم فقال: "إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين رأيته منهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض" فقالت: أو لم تسمع أن الله يقول: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} .
أو لم تسمع أن الله يقول:{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} .
قالت: ومن زعم أن محمدا كتم شيئا من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية والله يقول: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} .