للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن زعم أنه يخير بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية، فعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وهي أعلم الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ترى أن نسبة واحدة من هذه الثلاث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أظم الافتراءات على الله ولنلاحظ كيف استدلت على عدم إمكان رؤيته لربه بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} الآية، لأنها ترى وتعالم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر تنطبق عليه الآية كما تنطبق على غيره من الرسل الكرام لأن الجميع مشتركون في هذا الوصف وهو البشرية وهذا الذي أنكرته عائشة إنما هو الرؤية في الدنيا وأما رؤية الله في الآخرة فهي ثابتة للمؤمنين بالكتاب والسنة فلا تنكرها عائشة رضي الله عنها.

واستدلت على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب بقوله تعالى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ} وهو استدلال في موضعه وهو عين الحق والصواب الذي لا تشك فيه عائشة ولا غيرها من الصحابة الكرام وجميع المؤمنين ومن زعم أنه صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب فقد أعظم على الله الفرية كما قالت رضي الله عنها.

٣- وعن ابن عباس رضي الله عنه قال أخبرتني ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أصبح يوما واجما"-أي حزينا كئيبا- فقالت ميمونة: يا رسول الله لقد استنكرت هيئتك منذ اليوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن جبريل كان وعدني أن يلقاني الليلة فلم يلقني أما والله ما أخلفني" قال فظل رسول الله يومه ذلك على ذلك ثم وقع في نفسه جرو كلب تحت فسطاط لنا فأمر به فأخرج ثم أخذ بيده ماء مكانه فلما أمسى لقيه جبريل فقال: "لقد كنت وعدتني أن تلقاني" قال: "أجل ولكننا لا ندخل بيتا فيه كلب أو صورة"رواه مسلم.