الأولاد اليوم أطفال ومرؤوسون، وغدا آباء كبار ورؤساء، وقد جرت سنة الله أن يسلم كل جيل أبناءه من يده قيادة عجلة الدنيا، وفي مدة لا تزيد عن مائة سنة في الغالب يرحل جيل ويخلفه آخر، وقد أراد الله تعالى من البشرية الإصلاح في الأرض لا الإفساد، أراد الإصلاح الشامل الذي يتناول الدنيا والدين، من قام بما أراد الله منه نال حظه الوافر في الدنيا من راحة واطمئنان وتمكين وثناء حسن في حياته وبعد مماته، وفي الآخرة من رضى الله وثوابه الذي يضاعفه له جزاء ما قدم من إصلاح، ومن فعل خلاف ذلك فعمل الفساد وفتح أبوابا وسهلا موصلة إليه فعليه وزر ما عمله هو وما عمله غيره من الفساد اقتداء به. وكانت عاقبته شر عاقبة عاجلا بما ينال في الدنيا من قلق واضطراب وسوء معاملة بينه وبين الناس، وذكر سيئ في حياته وبعد مماته، وآجلا بما أعده الله له من عقاب أليم جزاء ما اكتسب من فساد وإفساد، وأحسن الناس من خلف بعده أعمالا صالحة يستفيد منها المسلمون كما مضى في الحديث الصحيح "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له، أو علم ينتفع به" وأسوأ الناس من كانت أعماله شرا، وخلف بعده آثارا سيئة، فيها ضرر على المسلمين في مصالحهم العامة أو الخاصة، ومثل هذا كمثل من قال فيه الشاعر:
رحلت بخزية وتركت عارا
وكنت إذا حللت بدار قوم
إذا عرفنا ما تقدم عرفنا أهمية حقوق الأولاد على الآباء، وهي كثيرة وخلاصتها السعي في جلب ما ينفعهم ودفع ما يضرهم عاجلا وآجلا، وحقوقهم في الحقيقة ليست حقوقا شخصية فحسب بل إنها فوق كونها نافعة لأشخاصهم نافعة للمجتمع كله.
واذكر من حقوق الأولاد على الآباء ما يلي على سبيل المثال: