وفي فصل العلم وتحديات الطبيعة بين لنا المؤلف عجز الإنسان عن إدراك كنه جميع الأشياء وكيف أن الإنسانية في القرن العشرين تجاوزت اعتبار أهمية العلوم بالنسبة لكل شيء وهي حقيقة رائعة تمنعنا مهما كانت درجة معرفتنا أن نقول في شيء ما، يجب أن يقع هكذا. ولكن يجب أن نقول لهذا الشيء أنه وقع هكذا، وكما قال سقراط رغم عقليته الجبارة وكان يحتضر:"أعرف أنني لا أعلم شيئا"ذلك لأنه يعرف أن عقل الإنسان متعطش دوما إلى المعرفة وتواق إلى الذي هو أكثر حقيقة وعلما، فقوانين المادة وأكبر النظريات الحسابية والفزيائية تتقدم باطراد، وكل نظرية جديدة تهدم التي سبقتها ثم تنهدم هي بدورها. ومثال ذلك أن أقيسة الأشعة غير ثابتة وأسماؤها تتغير دائما، ولم تثبت حتى الآن، وهذا تسببه طبعا اكتشاف نظريات حديثة تظهر لنا حقائق أخرى أكثر جدية وفاعلية.. وإذن فما هي المادة؟ أو ما هي الطبيعة، وما حالاتها في واقع العالم، ثم ما هو موقف عالم فذ مثلا من علماء القرون الوسطى إزاء مذياع أو حتى كشاف كهربائي بسيط مما هو معروف في زمننا هذا؟ لا شك أن هذا العالم سينسب هذه الصناعة إلى السحر أو الأمور الخارقة للعادة، وكذلك نحن أيضا فمهما تكن قدراتنا العقلية فهي عاجزة عن استيعاب ما يفوقها نظريا، لأن النظريات العلمية تساير واقع حضارتنا وقدرة عقولنا، فهي تشبه الحذاء تتسع اليوم حسب طاقتنا وتضيق غدا عند تقدمنا حضريا، وعند تطور النظريات العلمية، لذلك لا يمكننا أن نعتمد على العلم في اثبات حقائق راسخة. وهذا ليس غريبا ولكن الغريب أن نزعم أنه يمكننا تفسير كل الأشياء أو ترك بعضها على حدة باعتبارها غير محسوسة، ثم نقول إنها الطبيعة، خوفاً من أن نقول إنها من صنع الله تعالى!. ثم إنه إذا كانت القاعدة الصحيحة أن اثنين مع اثنين يساويان أربعة، وأنه ليس هناك دخان من غير نار فما نقول في مسألة تناسق هذا الكون؟ وماذا نقول في الشمس والقمر والليل والنهار؟ ثم