وأما القرآن الكريم فهو ليس مجرد كتاب يقرأ من حين لآخر للتسلية، ولكنه دستور يحمل بين طياته مقررات تهم المرء وعلاقته مع خالقه. وتهم أخص خصوصياته، فهو يعلمنا حتى كيفية الأكل وكيفية الاغتسال ويعطينا الحلول الناجعة لكل المشاكل التي تعترضنا، ثم هو ينظم علاقة الإنسان بأخيه الإنسان، وينبه على حسن معاملة حتى الحيوان وبما أن القرآن الكريم هو آخر الكتب السماوية فإنه حوى الصيغة النهائية التي يجب أن يسير عليها العالم بأسره، ولم يسمح بتغيير أي بند من بنوده، ومزق غشاوة جهلنا، ووضح لنا أهمية المخلوقات في هذا الوجود، ففيه بيان كيفية خلق الأرض والسماوات، وفيه حقائق عن القمر والشمس والجبال، مع أن العلم لم يصل حتى الآن إلى اكتشاف جريان الشمس في الفضاء، إلا أنه توصل إلى معرفة أن مدار الشمس كله يسبح في الفضاء، ولنتل قول الله تعالى من سورة (يس) : {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} .
وهكذا صدق أعلم العالمين، وعجز عباده العاصون، كما يذكر المؤلف شيئا هاما لم يقل العلم فيه كلمته الثابتة وهو مسألة تعاقب الليل والنهار فيذكر لنا كلمة للعالم الذري التونسي الدكتور البشير التركي جاءت في محاضرة له أمام علماء الذرة وهي أن تعاقب الليل والنهار ليس من جراء اختفاء الشمس خلف الأرض فحسب لأن النور المنبثق من النجوم يمكنه أن يغمر الأرض ويكون أشد ضياء ولكن بماذا نفسر هذه المعضلة؟ إلا أن المهم هو أن المعارف الجديدة التي كشف عنها العلم لم تدع مجالا للشك في وجود مدبر جبار وراء ظواهر الطبيعة ألا وهو الخالق جل شأنه.