ولما خلا داود إلى نفسه أنبها على الفزع منهم ولامها على الخوف من الخلق، وقام بخاطره أنه فتن للفزع من البشر فطلب من ربه المغفرة وسقط إلى الأرض ساجدا، فتجاوزنا عن فزعه، وإن لداود عندنا لدرجة رفيعة ومنزلة عالية وجميل مرجع.
هذا وقد ساق الله تعالى هذه القصة الكريمة لينبه نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم إلى أنه لا يفزع من كفار مكة الذين يتوعدونه ولا يخاف منهم ويقول له: اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود التقي الصالح صاحب القوة في الدين الأواب إلى الله تعالى، الذي سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق والطير محشورة كل له أواب وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب لما فزع عند دخول الخصمين عليه وتسورهما المحراب ظن أنه فتن وأنه قصر في حق سيده العظيم فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب فلا تفزع ولا تخف.