فالقرآن العظيم من أي ناحية ارتشفت من رحيقه وشهده وجدت الشفاء والهداية. وجدت الأعجاز العام الخالد الذي يتحدى الزمن. يقرؤه البليغ فيجد فيه الأعجاز البلاغي، ويقرؤه العالم الاجتماعي فيجد فيه أسباب سعادة المجتمع، ويقرؤه الطبيب فيخر ساجدا أما أسراره التي لا تقف عند حد، وهكذا كان القرآن الكريم المعجزة الخالدة. قال الحق تبارك وتعالى:
{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} وقد كشف العلم الحديث عن معنى بعض الآيات القرآنية، وكلما تقدمت العلوم كلما زاد اكتشاف جواهر القرآن، وأسراره وكنوزه، وسيأتي الوقت الذي يكون فيه العلماء الماديون أقرب الناس إلى الدين وإلى الإيمان بالله.
ومن أجل أن نلقي بعض الضوء على موضوع الاعجاز العلمي للقرآن الكريم في العصر الحديث نحتاج إلى تقديم أمثلة ونماذج لكي نضع أمام القارئ الكريم صورة عن هذا الاتجاه من هذا البيان لتوضيح إعجاز القرآن. بيد أن الأمثلة لا يمكن أن نوفيها بعض حقها في مقالة واحدة فأرجو أن يكون لنا لقاءات بعد تقديم هذا النموذج من الشرح والإيضاح في مقالات أخر ونسير بمشيئة الله في تسخير العلم لفهم بعض آيات الله في الكون وإبداعه في الخلق، وبذلك نوضح للعالم شرقا وغربا بعضا من نور الإسلام وإعجاز القرآن. إننا في حاجة إلى أن نتسلح بالأسلحة العلمية لكي نبرز بعضا مما في كتاب الله من كنوز وجواهر ولآلئ علمية في هذا العصر.. إن القرآن معجز في هدايته.. هدايته في الآيات الكونية، وفي الآيات التشريعية، وفي الآيات الخلقية، وهدايته في كل بيان جاء به.
لقد وردت في القرآن الكريم آيات بينات اشتملت على حقائق علمية كشفها العلم الحديث وبينها ووضحها، وصدق الله سبحانه وتعالى القائل: