والغريب – والغريب جدا – أن الخيرات والمنتوجات التي أودعها الله تعالى على الأرض، بدلا من أن تكون نعمة على البشرية جميعا، يتقاسمونها فيما بينهم قسمة أخوية إنسانية، كل حسب جهده، ومساعدة الفقراء والذين لا يكفيهم دخلهم، إذا بهم جعلوها سببا للقتال والحروب وسفك الدماء مما تشمئز منه النفوس الكريمة وتأباه الضمائر الحية، وترفضه العقول السليمة أن نجعل من النعم نقما تسبب شقاء البشرية بدلا من سعادتها وكل ذلك نتيجة فقدان الشعور الديني الإنساني السليم من التعصب.
ولو كان البشر – شعوبا وحكومات – تشعر بالأخوة الإنسانية بوعي ويقظة لما كان هذا المصير المؤسف الذي هدد ويهدد البشرية بالانهيار والفناء.
ومن أهم أسباب تحقيق السلام أيضا علاوة على أحياء الشعور الأخوي وجود تشريع سماوي واحد وصحيح يصلح لكل زمان ومكان بين هؤلاء البشر الأخوة، فلا يدع مجالا للنزاع والخصومة بينهم، كما هو الشأن الآن في التشريعات القومية واللادينية المعاصرة التي تمزق الشعوب وتثير الاختلافات كل ذلك بسبب عجز البشر أن يضعوا التشريعات لأنفسهم كعجزهم عن وضع القوانين الطبيعية.
فكما أن الله سبحانه وضع هذه القوانين المادية بين البشر وبين الطبيعة ولا بد من الخضوع لها حتى يفيد الناس من هذه الطبيعة، كذلك أنزل تشريعات دينية بين البشر أنفسهم، فلا بد لهم كي يسعدوا ويعيشوا بسلام من الخضوع لها.