اعترفت الأنصارية المسكينة في صراحة ودون التواء بأنها أم المولود الملتقط وقاتلة الشاب المجهول الشخصية! وأخذت تشرح الوقائع التي أفضت إلى المخاض وإلى القتل قائلة "إن عجوزا كانت تدخل عليّ فأتخذها أُمّاً وكانت تقوم من أمري كما تقوم به الوالدة, وكنت لها بمنزلة البنت حتى ذلك الحين, فقالت لي مرة: "يا بنية إنه قد عرض سفر ولي ابنة في موضع أتخوف عليها فيه أن تضيع, وقد أحببت أن أضمها إليك حتى أرجع من سفري", فعدمت إلى ابن لها شاب أمرد هيئته كهيئة الجارية, وأتت به لا أشك أنه جارية.. فكان يرى مني ما ترى الجارية من الجارية حتى أغفلني يوما وأنا نائمة, فما شعرت حتى علاني وخالطني, فمددت شفرت كانت إلى جانبي فقتلته, ثم أمرت فألقي حيث رأيت, فاشتملت منه على هذا الصبي فلما وضعته ألقيته في موضع أبيه".
استمع الخلفية العادل لهذه المأساة الفاجعة التي ترويها الأنصارية العفيفة الشريفة واطمأن إلى صحة الواقعة وانتهى إلى اعتماد الإقرار في جزئياته وجوهره.
حكم القاضي عمر:
أعلن عمر انتفاء المسؤولية عن الأنصارية وإهدار دم الشاب الخائن المخادع, واعتبار الجانية قد ارتكبت القتل في حالة دفاع عن شرفها وعفافها, ولم يكتف بذلك بل نوه بشجاعة القاتلة وشدتها في دفع العدوان عن نفسها ودعا لها بخير, وخرج على أبيها وبارك له في ابنته الصالحة المؤمنة وأوصاه بها خيرا.