عرفت الكافلة أن البيت الذي دخلته الجارية هو بيت أحد شيوخ الأنصار الذين لهم مكانه في نفس الخليفة, ومركز ممتاز في محيط الخلافة ولم تكد تقع عين بنت الشيخ الأنصاري على الصبي حتى اختطفته وضمته إلى صدرها تقبله وتملا عينيها وجهه الباسم وثغره المشرق, وجعلت الكافلة تردد ببصرها في هذا المنظر العجيب, وكادت تغيب في هذا المشهد المؤثر, واستعصى عليها فهم اللغز المغلق, لأنها تعرف عفة البنت ونبل عائلتها وعلو مركزها في المجتمع المدني.
إعلام الخليفة:
انتهى المشهد الرائع بتسليم الصبي إلى الكافلة وإسراع البنت بإخفاء وجهها والالتجاء إلى حجرتها تحت تأثير عوامل نفسية قاهرة, وبادرت الكافلة بإرجاع الصبي إلى بيتها والتوجه إلى الخليفة لإعلامه بما حدث.. لم يكد يعلم الخليفة عمر بما حدث حتى اشتمل على سيفه وانتقل إلى دار الشيخ الأنصاري فوجده متكئا على بابه.
وبعد أن حياه سأله عن أمر ابنته ورد الشيخ بارتياح قائلا أن ابنته من أعرف الناس بحق الله وحق أبيها مع حسن صلاتها وصيامها والقيام بدينها.. فقال عمر:"قد أحببت أن أدخل عليها فأزيدها رغبة في الخير وأحثها عليه", وأجاب الشيخ:"الأمر لأمير المؤمنين والبيت بيته", وفتح الباب ودخل عمر ودعا كريمة الشيخ وسألها منفردا بعض الأسئلة العامة, ثم كاشفها بأنه يسألها عن أمر الشاب والمولود, وأنها إن لم تتحر في أجوبتها الصدق والحق تعرض نفسها الأكبر الأخطاء.