للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخفَّت حدة غضب الأمير. وسره أن رأى صحته عادت إليه وأصبح قادرا على الحركة.

والقصة الثانية: لمريضة من أهل بيت الملك، كانت منحنية وهي تعد المائدة وأحست فجأة (بورم روماتزمي في المفاصل) فلما أردت أن تعتدل وجدت نفسها عاجزة عن ذلك. واستدعي طبيب الملك وأمر بأن يداويها، ولما لم يجد في متناوله أدوية، لجأ إلى (تدبير نفساني) فأزال أولا خمارها، ثم نطاق ثوبها مستجداً بشعور الخجل الذي (بعث فيها وهجا من الحرارة) أذاب الأخلاط الروماتزمية فوقفت منتصبة القامة وقد شفيت تماما.

والقصة الثالثة: قدم ابن سينا متخفيا إلى جرجان على ساحل بحر قزوين وهو يحاول الهرب من السلطان محمود الغزنوي، وكان أحد أقارب حاكم جرجان طريح الفراش بداء أعيا جميع الأطباء المحليين. ودعي ابن سينا لعيادته وإبداء رأيه، وبعد أن فحص المريض طلب معاونة شخص عليم بكل نواحي البلاد ومدنها. وكان هذا الشخص يذكر أسماءها بينما كان ابن سينا واضعا أصبعه على نبض المريض. فلاحظ عند ذكر بلدة معينة خفقة في نبض المريض. فقال: "أنا الآن في حاجة إلى شخص يعرف كل أحياء هذه البلدة وشوارعها وبيوتها".

ولاحظ عند ذكر اسم ساكنة من منزل بعينه مزيدا من الخفقان وحينئذ قال ابن سينا "لقد انتهيت، فالصبي يحب فتاة اسمهما كذا تقطن في منزل كذا في شارع كذا في بلدة كذا زواجه بالفتاة هو دواء المريض". فعقد له عليها في ساعة موافقة اختارها ابن سينا، وهكذا تم علاج المريض.

وهذا يدل على سرعة شفاء المريض إذا ما تحققت له أمنيته بأن يجمعه مع محبوبه برباط يقره الدين، ومن هذا يتبين أيضا خضوع الطبيعة البشرية للتخيلات الذهنية.