والقصة الرابعة: أصيب أمير من أمراء أسرة بويه بالملانخوليا وخيل إليه أنه بقرة. وكان الأمير يخور كل يوم كما تفعل البقرة فتضيق لذلك صدور كل من حوله وكان يصيح "اذبحوني واصنعوا من لحمي طبقا شهيا من اليخنى"وظلت الحال تسوء حتى امتنع عن الأكل بتاتا، بينما الأطباء عاجزون عن أن يفيدوه بشيء، وأخيرا أمكن إقناع ابن سينا أن يتولى الحالة وقد وافق رغم ضغط المشاغل العامة والخاصة والسياسية والعلمية والأدبية. وكان أول ما صنع أن أرسل للمريض رسالة طلب إليه فيها أن يفرح لأن الجزار قادم لذبحه وقيل أن المريض سر لذلك. وبعد فترة من الوقت دخل ابن سيناء حجرة المريض وبيده سكين وقال "أين البقرة حتى أذبحها؟ "فخار المريض خوار البقرة ليدله على مكانه. فألقي بأمر ابن سينا على الأرض موثوق اليدين والرجلين. ثم تقدم ابن سينا فجس جسمه كله ثم قال:"إنه نحيف جدا ولا يصلح للذبح يجب أن يسمن". فقدموا إليه غذاء مناسبا فأقبل عليه يأكل منه بشهية فعادت إليه قوته تدريجيا وتخلص من وهمه، وبريء من علته تماما.
والقصة الخامسة: تروي كيف أن المنافسة بين طبيبين من أطباء البلاط بلغت أخيرا حدا جعلهما يتحدى أحدهما الآخر إلى مبارزة أو امتحان بالسم، ويقضي الاتفاق بأن يتناول كل منهما سما أعده خصمه، ثم عليه أن يحاول أن يبطل مفعوله بدواء مضاد مناسب. وأعد الأول جرعة من السم يبلغ من شدتها أن تذيب الحجارة السوداء، فشرب منافسه الكأس ثم تناول في الحال جرعة مضادة أبطلت مفعوله.
وجاء دوره، فالتقط زهرة من الحديقة، وقرأ عليها رقية وأمر خصمه بشمها: فلما فعل سقط ميتا في الحال، والسبب هو الخوف فحسب. وهنا استعمل الإيحاء لا للإبراء بل للإهلاك.
والقصة رواها الشاعر نظامي في كتابه (مخزن الأسرار) حيث يقول ما ترجمته: