والمرحلة الثانية من العدوان على الثقافة الإسلامية يوم أن جاء المستعمرون، ويوم أن جاء المستشرقون. مكن العبث بالتراث الإسلامي، ونشر الآراء الإلحادية المارقة، وبث الشبهات والضلالات بين أبناء الجامعات الشرقية، ودسوا كثيرا من الكذب والزور والبهتان في التاريخ الإسلامي وفي السيرة النبوية المطهرة، وكان لهم أذناب من كبار رجال السياسة والأدب والفلسفة هذا هو الطابع العام لأغلب المستشرقين إذ كانوا عملاء لدى وزارت الخارجية للدول المستعمرة.
على أن البعض منهم قد خلت نفسه من التعصب والحقد والكراهية فقدم خدمات علمية، على أنه يجب قراءتها بحذر، فهذا هو كتاب المنجد في اللغة لم يخل من التعبيرات الصليبية.
العنصر السادس في مرحلة التصفية والتطهير هو الحديث عن ثنائية التعليم وتمزيقه وعدم وحدته.
ولقد ظهر من النصوص السابقة أن المستعمر هو الذي أنشأ التعليم المدني وخطط له ووجهه بحسب أغراضه وأهدافه ومراميه التي تنحصر في أمرين: الحرب على الإسلام، والحرب على اللغة العربية وفي الوقت نفسه يعمل على إضعاف التعليم الديني، ويعمل على عزل المتعلمين تعليما دينيا عن الحياة وعن القيادات أيا كانت، على هذا الأساس قام التعليم المدني، ومن ثم تظهر لنا في وضوح الأمور التالية، وهي أمور تنذر بأخطر العواقب وقد برزت بنتيجتها المحزنة في كثير من البلاد الشرقية، وعلى الغيورين على الإسلام أن يبادروا إلى دراستها على نطاق واسع ومعالجتها، والله المستعان.. أهم هذه الأمور ما يلي:
تقسيم التعليم امتداد للحروب الصليبية المقنعة التي تهدف إلى إضعاف الدين الإسلامي رويداً رويداً.
أولا:
تقسيم التعليم تطبيق عملي لمبدأ فصل الدين عن الدولة وتنفيذ لمبدأ (دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله) فالدين في عرف هؤلاء لا يصلح لقيادة الدولة، والمتدينون لا يصلحون لتولي الوظائف العملية، فينبغي حصرهم في صوامعهم للرهبنة.