أما المستشارون الإنجليز وتلاميذهم فإنهم يتخمون هذه المرحلة بمناهج كاملة في مواد مختلفة فيرهقون أعصاب التلاميذ، ويتخمون عقولهم بعلوم لا يحتاجون إليها في التعليم الجامعي، وسريعا ما ينساها التلميذ على أنه لم يأخذ المقدار الكافي ولم يتخصص في العلوم التي تعده لأن يكون قويا في الجامعة، وكثيرا ما شكا أساتذة الجامعات العلمية من ضعف المستوى الجامعي الناتج عن عدم الإعداد الفني في المرحلة الثانوية، وهذا من عيوب الوضع الحالي، أما الطريقة الحديثة والنظرية التي ينادي بها رجال التربية، فهي نظام التخصص المبكر.
أذكر هذه الطريقة جيدا منذ كان فضيلة الدكتور محمد البهي وزير الأوقاف والأزهر السابق بمصر يحاضرنا في علوم التربية وعلم النفس بتخصص التدريس.. فقد كان حفظه الله يجتهد في أن يجعل منا مفكرين لخدمة الإسلام في شتى المجالات.
تعتمد هذه الطريقة على التخصص المبكر، فتقسم المدارس بحسب حاجة الوطن والبيئة، فمثلا: ثانوي طب، ثانوي زراعة، ثانوي هندسة، ثانوي ميكانيكا، وتسترسل في الأقسام بحسب حاجة البيئة وإمكانياتها.
فالمدرسة الثانوية للطب تدرس علوم الدين واللغة، ومبادئ ومقدمات وعلوم تتصل اتصالا وثيقا بتخصصه في الجامعة.
والمدرسة الثانوية للزراعة تدرس علوم الدين واللغة، وعلوما تتصل بتخصصه في الجامعة.
وهكذا الثانوية في الهندسة والطيران والملاحة وأبحاث البترول والمعادن إلى نهاية هذه الفروع، وبذلك نضمن تخريج علماء في الناحية الدينية والمدنية، ونفهم هذه العلوم فهم عبادة وتفكير في ظل تعاليم القرآن وهدي القرآن وتوجيهاته، ثم تكون المرحلة الجامعية متممة للمرحلة الثانوية، وتتلاقى معها تلاقي الزهور اليانعة بالثمار الحلوة الشهية وبذلك نقضي على ما نحن فيه الآن.