وهذا القياس لا يؤدي بالباحث إلى كشف معرفة جديدة، حتى مع افتراض أن مقدماته مطابقة للواقع، لأن نتائج القياس متضمنة على الدوام في مقدماته. فإذا سلمت مثلا بالمقدمة التي تقول: أن جميع الناس عرضة للموت ثم أضفت إلى هذا أن سقراط إنسان، كنت على علم بأن سقراط هذا هو أحد الناس الذين وصفتهم في قضيتك الأولى بأنهم عرضة للموت.. وبهذا لا يكون في النتيجة التي ينتهي إليها قياسك –وهي سقراط عرضة للموت- شيء جديد إذ هي من باب تحصيل الحاصل.
من هنا كان القياس الصوري عقيما مجدبا، إذ يفسر لنا ما نعلمه ولا يكشف لنا عما نعلمه.
٢- موقف علماء الإسلام من منطق أرسطو:
دخل منطق أرسطو العالم الإسلامي، ووقف مفكرو الإسلام منه مواقف مختلفة:
أ- منهم من رفضه رفضا تاما لاعتقاد أن روحه مخالفة للروح الإسلامية.. فحاولوا هدمه ليبنوا على أنقاضه منطقا جديدا يتلاءم ومعتقدهم.
ب- ومن العلماء من عاداه العداوة التامة وحرم النظر فيه. ونذكر من هؤلاء ابن الصلاح والنووي.
ج- ومنهم من قبله على أنه وحدة فكرية قائمة الذات، واعتبروه قانون العقل. وهؤلاء هم الشراح الإسلاميون المشاؤون.
وقبل أن نحدد موقف علماء الإسلام من المنطق الصوري نوضح في إيجاز معنى الثقافة في المفهوم الإسلامي.
إن الثقافة حسب التصور الإسلامي تعني الطريقة التي يتوصل بها إلى المعرفة. وهذه الطريقة هي ما عبر عنها القرآن الكريم بلفظة النظر، النظر الذي يولد مجهولا من معلوم. قال تعالى:{قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ}