ولما أدرك المسلمون من غير العرب دور اللغة العربية في فهم الإسلام حافظوا عليها محافظة تفوق محافظتهم على لغة آبائهم وأجدادهم لما لها من شرف مخاطبة الله رسوله بها، فناضلوا في الذود عنها وقعدوا –بتشديد العين- لها القواعد، واستخرجوا من خبايا إسارها ما دل على تفانيهم في خدمتها، وحبها، وألفوا- المؤلفات العظيمة التي هي فخر للإسلام والمسلمين- باللغة العربية، لا بلغة آبائهم، وما ذلك إلا لهذه الصياغة التي صاغهم بها الإسلام وجعله إياهم حماة لدينه كغيرهم ممن اصطفى من العرب لهذا الشرف سواء بسواء.
خطورة هذه الدعوة:
ومن الطبيعي أن أعداء الإسلام الذين حاربوه منذ ظهوره وفي سائر العصور إلى يومنا هذا، قد جربوا مع الخبرة الطويلة في (العداء) : إنهم لا يستطيعون تشتيت المسلمين وتفرقة كلمتهم، وسلبهم (قدسهم) إلا بصرفهم عن الإسلام الذي هو رمز وحدتهم، وقد سلك لتحقيق ذلك شتى السبل، والوسائل ومنها على سبيل المثال لا الحصر: إحياء (القوميات) وتجديد النزعات العنصرية الضاربة في القدم، وإحياء ما يسمونه (الفكلور الشعبي) لكل أمة والدعوة إلى النظر في اللهجات المحلية، ورد أصولها إلى أشياء تاريخية معينة.
والاحتفالات التذكارية لمرور كذا من السنين على حكم أكاسرة وأباطرة وثنيين معينين، استنار أبناؤهم فيما بعد بنور الإسلام..وأخيرا الدعوة إلى استبدال الحرف العربي باللاتيني بحجج هي، أوهى من بيت العنكبوت.
وإلى غير ذلك من المكائد، التي لا تهدف في مجموعها إلا إلى شيء واحد هو صرف المسلمين عن دينهم.
العالم الإسلامي ومنحة الدعوة:
ومنذ بدأ الاستعمار بالتغلغل في شرايين العالم الإسلامي لم يكن هدفه الأول، إلا في تثبيت دعائمه، وأقدامه في الوطن الإسلامي بمبادئه التي يتصدرها شعار: فرق تسد..
وهل فرق تسد إلا غزو الأمة في مبادئها التي تغتر بها، ومثلها العليا، التي هي جزء من حياتها..