لقد أسلم محمد صلى الله عليه وسلم الراية حين أسلمها ولم يدر بخلد واحد من رجاله يومذاك أن الأمر يحده الحوار النظري في قضايا مطروحة يراد لها أن تأخذ طريقها من هنا أو هناك.. ولكن الجميع كانوا يدركون أن الصياغة التي صاغهم محمد صلى الله عليه وسلم عليها، هي سلاح المواجهة لتحمل الأعباء في تقدير كامل للمسؤوليات حق قدرها وإعطاء كل شيء قيمته في ضوء مقاييس الدعوة التي عاهدوا عليها رسول الله وبايعوه من أجلها على النصرة والمنعة والبذل الكبير.
.. وإذا كان الإسلام أقوى من تحديات الزمن وأوسع من سلطان الحدود والقيود, إن السعداء حقا هم أولئك الذين ينقضون عن كواهلهم غبار الدعة وتتجافى جنوبهم عن الراحة وإيثار العافية في ظل الغرض القريب، وبذلك يشرفون بأن يكونوا على خط الريادة التي رسم معالمها النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه, وقد ضمن لهم القرآن خير عاقبة وأكرم مصير {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً, وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً} .