كذلك اقتضى النظر في معاني القرآن الكريم ظهور علم التفسير وأصول هذا التفسير أي القواعد والشروط اللازمة له، وهكذا الحال بالنسبة لبقية ما يسمى بالعلوم الإسلامية كالتشريع وتاريخه، والفقه وأصوله ومذاهبه، والحديث ومدارسه ورجاله، والمحدثين والرواة والمؤرخين، وكتاب السير والملاحم والأدباء والقراء, وغير ذلك من معارف وعلوم إسلامية ليس هنا مجال الإفاضة فيها.
ومجمل القول أن الإسلام وهو دين الآخرة والأولى قد حث أتباعه على النظر في شئون دنياهم بقدر اهتمامهم بآخرتهم فكان من بين المسلمين علماء أفذاذ في الطب والفلك والتنجيم والكيمياء والطبيعة والفلسفة الإسلامية، أو ما يسمى بعلم الكلام والتصوف والجغرافيا والاجتماع والفن والعمارة وغير ذلك من شئون علمية فيما عدا الرسم والتصوير لما فيهما من أمور قد يضلّ بها العامي حديث العهد بالوثنية، وقد اشتهر من بين علماء المسلمين في مختلف العلوم غير الدينية علماء أفذاذ منهم ابن سينا والفارابي وابن رشد والحسن بن الهيثم والبيروني وابن بطوطة وابن جبير وابن خلكان وابن خلدون وغيرهم كثيرون ممن كانوا في زمانهم دوائر معارف بشرية.
ولقد اعتمدت الحضارة الأوربية الحديثة باعتراف علماء الغرب أنفسهم على ثقافة المسلمين وحضارتهم اعتمادا كليا في وجودها وتقدّمها، بل لقد اعتمدت حركة الكشوف الجغرافية على الفلكيين من المسلمين, وقامت جامعات أوربا الشهيرة على أكتاف العلماء المسلمين، وبها درست كتبهم ومصنفاتهم العلمية، ولا تزال أمهات هذه الكتب لأمثال هؤلاء العلماء محل رعاية المكتبات الأوربية وعنايتها حتى اليوم.. ولكن.