متى كان المستعمرون يا عرب يبتغون الإصلاح والتوفيق لهذه الأمة وهم يتباكون على مصيرها اليوم؟ بل مكر الليل ونصح الثعلب في ثياب الواعظين.. إنهم يريدون لهذه الأمة الفساد والذلة والمسكنة, والله يريد لها العزة والعظمة والفخار, {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} .
يا عرب لم لا ننصح أنفسنا ونهتدي بملتنا ونكون أصحاب عزم وبأس كما كان أجدادنا المسلمون! ..لقد أعلم أولئك الصليبيون أنه لا يمكن مواجهة هذه الأمة بعقيدتها.. وما من حرب خاضتها هذه الأمة تحت لواء عقيدتها إلاّ وكان النصر بين يديها والمجد فوق مفرقيها, وحينما تحيد هذه الأمة عن نهجها المرسوم وتخط بيمينها لنفسها مناهج العبيد فإنها ستشقى وتنحدر إلى سفوح هابطة, وتتداعي عليها الأمم كما تتداعي الأكلة على قصعتها, فلا عز ولا صعود بل ذلة وضيعة وارتكاسة. وإلى أولئك الصليبين في لندن وإلى أولئك المخدوعين من بني ملتنا نسوق هذه الحادثة:
"بعد نكسة حزيران ذهب وفد عسكري مصري للتباحث مع زعماء السوفيت حول تزويد مصر ما افتقدته من أسلحة ومعدات حربية أثناء الحرب ... والتقى الوفد بعدد من العسكريين السوفيت ومن بينهم وزير الدفاع مالينوفسكي (قبل موته) قال الوفد المصري بحرف الواحد:
"إننا لم نستطع أن نستعمل الأسلحة التي اشتريناها منكم لأنها كانت جديدة علينا وبهذا خسرنا المعركة".
فما كان جواب مالينوفسكي إلاّ أن رد عليهم:
"لقد انتصرا أجدادكم على الفرس والروم بسيوف صادئة, وقد علمتني التجارب والأحداث وأنا في هذا المنصب بأن لا شيء يساوي القوة المعنوية في الأمة" ...