أبي مرثد الغنوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها", وفي صحيح مسلم أيضا عن جندب بن عبد الله البجلي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ألا وإنّ من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد, ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك", وفي الصحيحين عن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما أنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها في الحبشة وما فيها من الصور فقال:"أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا, وصوروا فيه تلك الصور, أولئك شرار الخلق عند الله", وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه", زاد الترمذي رحمه الله في روايته بإسناد صحيح "وأن يكتب عليه", فهذه الأحاديث وما جاء في معناها كلها تدل على تحريم البناء على القبور, واتخاذ المساجد عليها والصلاة عليها وتجصصها ونحو ذلك مما هو من أسباب الشرك بأربابها، ويلحق بذلك وضع الستور والكتابة عليها وإراقة الأطياب عليها وتبخيرها؛ لأن هذا كله من وسائل الغلو فيها والشرك بأهلها، فالواجب على جميع المسلمين الحذر من ذلك, والتحذير منه, ولاسيما ولاة الأمر؛ فإن الواجب عليهم أكبر ومسئوليتهم أعظم لأنهم أقدر من غيرهم على إزالة هذه المنكرات وغيرها، وبسبب تساهلهم وسكوت الكثيرين من المنسوبين إلى العلم كثرت هذه الشرور وانتشرت في أغلب البلاد الإسلامية, ووقع بسببها الشرك والوقوع فيما وقع فيه أهل الجاهلية الذين عبدوا اللات والعزى ومناة وغيرها, وقالوا كما ذكر الله عنهم في كتابه العظيم {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} , {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ، وذكر أهل العلم أن القبر إذا وضع في مسجد وجب نبشه وإبعاده عن المسجد، وإن كان المسجد هو الذي