وقوله {لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} لهم: خبر مقدم، وعذاب: مبتدأ مؤخر، وشديد: صفته، والجملة في محل رفع خبر إن، والباء في قوله {بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} سببية، وما مصدرية، ويوم الحساب: مفعول لنسوا، والمعنى: لهم عذاب شديد لعدم ذكرهم يوم الحساب، ويكون قوله:{بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} تعليلا تصريحا لثبوت العذاب الشديد لهم بنسيانهم يوم الحساب، وقيل: إن يوم الحساب ظرف لقوله (لهم) ففي الكلام تقديم وتأخير والأصل: لهم يوم الحساب عذاب شديد بما نسوا، وعليه فمفعول نسوا محذوف مفهوم من السياق تقديره: بما نسوا سبيل الله، والأول أولى، ومن قرأ (يضلون) بضم الياء فهي على حذف المفعول.
وقوله {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً} كلام مستأنف لتقرير مضمون ما قبله من أمر الحساب، ويجوز أن تكون الجملة في موضع الحال من فاعل نسوا، وقد جيء بها لتفظيع أمر النسيان كأنه قيل: بما نسوا يوم الحساب حالة وجود دلائله ووضوح حقيقته، و (باطلا) منصوب على أنه صفة لمصدر محذوف أي خلقا باطلا، ويجوز أن يكون حالا أي مبطلين أي ذوي باطل، كما يجوز أن يكون مفعولا لأجله أي لأجل الباطل، والإشارة بقوله:{ذَلِكَ ظَنُّ} راجعة إلى كون خلقها باطلا، والكفار وإن أقروا أن الله خالق السموات والأرض, ظانون أن خلق ذلك ليس لحكمة, وأنها خلقت عبثا ولعبا، ولذلك قال تعالى:{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} .