وقوله:{فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} مبتدأ وخبر، والفاء لإفادة ترتيب ثبوت الويل لهم على ظنهم الباطل، وكان مقتضى الظاهر أن يقول (فويل لهم) وإنما وضع الاسم الموصول موضع الضمير لإشعار جملة الصلة بسبب استحقاقهم الويل، ومن في قوله:{مِنَ النَّارِ} بمعنى في، وقيل تعليلية كما في قوله:{فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ} أي فويل لهم بسبب النار المترتبة على ظنهم وكفرهم، و (أم) في قوله: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ} منقطعة بمعنى بل وهمزة الإنكار، والإضراب للانتقال من تقرير أمر البعث والحساب بنفيه خلق العالم لغير حكمة إلى تقريره وتحقيقه بما في الهمزة من إنكار التسوية بين الفريقين ونفيها على أبلغ وجه وآكده.
وقوله تعالى:{أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّار ِ} يجوز أن يراد بهذين الفريقين عين الأولين ويكون التكرار باعتبار وصفين آخرين هما أدخل في إنكار التسوية من الوصفين الأولين، ويجوز أن يكون انتقالا من إثبات الحساب بلزوم استحالة التسوية بين الفريقين المذكورين على الإطلاق إلى إثباته بلزوم ما هو أظهر منه استحالة وهو التسوية بين أتقياء المؤمنين وفجرة الكافرين.