والسنة في الإفطار على التمر والماء لها حكمة طبية فالتمر يحتوي على مواد سكرية سهلة الهضم فتصل إلى الدورة الدموية مع الماء عن طريق الأمعاء خلال دقائق قليلة فيرتفع الجلوكوز (سكر العنب) في الدم إلى المستوى الطبيعي خلال دقائق ونظرا لأن تعب الصائم وإجهاده مرده في الغالب إلى نقص الماء والجلوكوز في الدم فعندما نفطر على تمر وماء فيذهب التعب والإجهاد فور الإفطار بخلاف ما إذا أفطر على فطائر أو أرز مثلا فإن هذه تستغرق في الهضم وقتا طويلا مما يؤخر التعب والإجهاد. والسنة المبادرة بالفطور فور دخول المغرب وتأخير السحور إلى آخر وقتها "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" رواه البخاري.
ثم إن للصائم فرحتين ولا شك أن انتظار الفرج بحلول وقت المغرب حتى تحل أزمة الجوع وتفطر على تمر وماء على بساطتهما تشعرك بأن الدنيا هينة وأن أشق ما في الدنيا من هم السعي لأجل الرزق تكفي فيه بضع حبات من تمر وجرعة من ماء على حل هذه الأزمة فلماذا هذا الجري وراء الدنيا وزينتها؟! مع التماس مسائل غير مشروعة لجلب الرزق ثم البكاء على ما فات والحسرة والندم على هذه الفرصة وتلك السانحة والناس من خشية الفقر في فقر. فالإنسان عليه أن يسعى لرزقه ولكن لا يتكالب على الدنيا ويجري وراء الدينار "تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد القطيفة تعس عبد الخميلة. تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا. ونختم بهذا الحديث الذي يفيض حكمة ويصلح في طب النفس وإصلاحنا بالقناعة بأساسيات الحياة "من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها" ...