ومن المعاملات: أولا في الدين الحد الأدنى إنظار المعسر: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} ثم يندبه إلى ما هو أحسن: {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ} .. وفي تنصيف الصداق المسلم إذا وقعت الفرقة قبل الدخول فتنصيفه حد أدنى:{فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} ..ثم يندبه إلى الأحسن:{إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} .. وهذا كثير وسيأتي بيانه في الحكم والقضاء. ولعل فيما تقدم من بيان جلب المنافع ودفع المضار والحث على مكارم الأخلاق ما يكفي لإثبات كمال الشريعة بجانب ما قدمنا من النصوص الصريحة في ذلك..
وإن من أكمل الأدلة على كمالها لوجودها منذ تشريعها بكمالها. لم تحتج إلى ما يكملها ولم يطرأ عليها ما ينقصها، فقد سايرت السنين والقرون ولم يستطع معاند أو موالي أن يستدرك على ما فيها وما تجرأ إنسان على معارضتها إلا مكابر ومعاند وهو بمعارضته يعلن عن جهله وقصور نظره وهو في عمله أصدق ما يكون عليه قول الشاعر: -
كناطح صخر يوما ليوهنها
فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
بل إن القوانين الوضعية ما تمت ولا تطورت إلا بمقدار ما اقتربت منها واقتبست عنها. كما في أصل نشأة القانون الجرماني فقد كان منه قانون العوائد أخذ من عادات الشعب الإسباني من بقايا الفقه المالكي..
وهاهي ذي الحكومات في الدول الأوروبية تبدأ تأخذ تشريعات للأسرة من نكاح وطلاق وميراث.
أما الشمول: فقد شملت هذه الشريعة جميع الطبقات والطوائف والأفراد والجماعات. ونظمت علاقة الخلق بالخالق والحاكم بالمحكوم فيما بينهم.