أما السماحة في الشريعة: فهي صفتها الخاصة كما في الحديث بعثت بالحنيفية السمحة. ومن سماحتها أن الله لم يجعل فيها من حرج في التكليف كما قال تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} .. وقوله {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} ولم يكلف نفسا إلا وسعها: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا} ..
ومن قواعدها: إن كل مشقة تجلب التيسير. ومن هذا الباب جميع الرخص في الشريعة.. ومن السماحة عدم المؤاخذة في حالة النسيان أو الخطأ أو الإكراه.. وقد كان إصرا على من كانوا قبلنا فحط الله عنا وفي الحديث:"عفي لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".. ومفهوم عفي لي أنه لم يعف لغيره كما أعطى صلى الله عليه وسلم خمسا لم يعطهن أحد قبله كما في الحديث "نصرت بالرعب مسيرة شهر وأحلت لي الغنائم وأعطيت الشفاعة وكان الرجل يبعث إلى قومه خاصة فبعثت إلى الناس كافة. وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا".. فقد خص بما لم يخص به غيره صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين. وفي قوله {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} .. إلى قوله تعالى:{أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} .. فيقول الله تعالى عند كل دعاء قد فعلت.
وقد بيّن صلى الله عليه وسلم حال من كانوا قبلنا من المؤاخذة على النسيان والخطأ والإكراه. وقد أوخذ أبونا آدم على النسيان:{وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} .
ومن المؤاخذة على الإكراه الرجلان اللذان مرا بصنم لقوم وأمروهما أن يقربا ولو ذبابا فامتنع أحدهم فقتلوه، بينما في هذه الأمة:{إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالأِيمَانِ} .