لأنه إذا ترك الإنسان وشأنه بدون التوجيه الإلهي بنى أعماله في حياته على ما يحبه ويشتهيه يسعى لطلبه ويبذل في سبيله كل ما في وسعه، وأما ما يكرهه فيبتعد عنه ويتجنبه وليس عنده من القدرة والإدراك ما يعرف عاقبة أعماله من خير وشر ولا يستطيع الوصول إلى خيرية الأعمال وضررها فليس عنده إلا مجرد الميل والمحبة أو البغض والكراهة وقد يكون الخير فيما كره والشر فيما أحب.
فالقتال في سبيل الله فريضة شاقة لأنه يكلف الإنسان بذل حياته وهو يكره كل عمل يؤدي إلى الموت. ومع هذا فالجهاد ركن من أركان الإسلام وأعظم الأسس التي ترتكز عليها الدعوة إلى الله وفيه كل الخير للبشرية وللحق والعدل والإصلاح.
والإسلام لا ينكر مشقته ولا يهون من شأنها ولكنه يعالجها ببيان ما فيه من خير للأمة ويسلط نور الكشف عن حقائق المجهول المستور وراء ما تكرهه النفس ببيان حكمة فرضه على الأمة وما يترتب عليه من ثواب عند الله تُهَوّن مشقة وتحوّل النفوس إلى أن يكون الجهاد في سبيل الله مطلبها الأسمى في هذه الحياة.