والله العليم بالغايات المطلع على الغيب هو وحده الذي يعلم الخير العميم والطريق الموصل إليه، هكذا يوجه الإسلام الفطرة مربيا لها على الطاعة والانقياد ومُفسحا لها في الرجاء وكاشفا عمّا أعده من الخير والثواب العظيم. لأن الجهاد في سبيل الله عزة وسعادة في الدنيا ورضوان من الله تعالى ونعيم مقيم تتمتع به في الجنة أرواح الشهداء ميزة وتكريما لهم قال تعالى {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} ولهذا يبذل المسلمون المجاهدون الذي هو أدنى بالذي هو خير وفاء منهم بعهد الله سبحانه وتعالى حيث قال {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} .
وحينما تشعر النفس المؤمنة بالفضل الإلهي تتقبل التكاليف مع ما فيها من مشقة قائلة سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير.
عندئذ يذهب منها كل خوف وتندفع بإيمانها إلى تنفيذ ما كلفت به وهي تعلم أن الخير كامن وراء ما تكره وأن اليسر يخلف العسر وقد تكون الحسرة عاقبة للمتعة والمكروه مختبئا وراء المحبوب، هذا طريق الله واضح في كتابه الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهما دستور الحياة الصحيحة لمريدها والله يعلم النفوس وما تنطوي عليه فيعالجها بالحق والصدق. لا بالإيحاء الكاذب والتمويه الخادع كما يفعله أرباب القيادات التي لا تستند في عملها إلى منهج الله في الحياة.