منّ عليها بالقرآن يربيها ويعدها لقيادة الأمم كلما اهتدت بهديه واستمسكت بعهده واعتصمت بحبله واستمدت دستور حياتها منه واستعلت به على جميع المناهج والنظم التي لا تستند إليه.
ذلك لأن القرآن ليس كلاما يتلى فحسب وإنما هو دستور عام للتربية والحياة العملية عرض الله فيه تجارب بشرية لتكون أمام المسلمين يأخذون منها العبرة وتنير لهم الطريق مع ما اكتسبوه من تجارب حياتهم فهو زاد الأمة في جميع أطوار حياتها لتقوم بالدعوة إلى الله وتستند في سلوكها إلى هذا الرصيد العظيم من تجارب الحياة للدعوة إلى الله من آدم إلى سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
لقد أحب المسلمون أن ينالوا تجارة قريش وهي عائدة من الشام بقيادة أبي سفيان ولكن الله يعلم أن الخير لهم في قتال المشركين لا في حيازة أموالهم. يقول الله تعالى {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} .
فوّت عليهم العير فأصبحوا لا مناص لهم من مواجهة الكفار ونشب القتال بينهم في غزوة بدر وانتصروا انتصارا عظيما تأسست به الدولة الإسلامية لأنهم أقبلوا على الجهاد مخلصين يريدون إعلاء كلمة الله {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} .
فالمؤمنون في معركتهم مع الكفار يستندون إلى الله لأنهم يقاتلون في سبيله فليست معركتهم لأمر آخر سوى الله سبحانه وتعالى، إنهم يقاتلون لإقرار شريعة الله في الأرض ورفع راية الحق ونشر رحمة الله على العباد.