وإن رآه بخلاف ذلك من كل وجه وهو مستعد للفروسية، وأسبابها من الركوب والرمي واللعب بالرمح وأنه لا نفاذ له في العلم ولم يخلق له مكنه من أسباب الفروسية والتمرن عليها، فإنه أنفع له وللمسلمين وإن رآه بخلاف ذلك وأنه لم يخلق لذلك ورأى عينة مفتوحة إلى صنعة من الصنائع مستعدا لها قابلا لها وهي صناعة مباحة، نافعة للناس، فليمكنه منها، هذا كله بعد تعليمه له ما يحتاج إليه في دينه فإن ذلك ميسر على كل أحد، لتقوم حجة الله على العبد فإن له على عباده الحجة البالغة كما له عليهم النعمة السابغة ثم قال بعد بحث طويل: فإذا صار له سبع سنين دخل في سن التمييز وأُمر بالصلاة كما في المسند والسنن من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر سنين وفرقوا بينهم بالمضاجع"، ثم قال: إذا صار ابن عشر ازداد قوة وعقلا واحتمالا للعابدات فيضرب على ترك الصلاة كما أمر به النبي عليه السلام وهذا ضرب تأديب وتمرين. ثم قال: فإذا تيقن بلوغه جرى عليه قلم التكليف، وثبت له جميع أحكام الرجل. اهـ ما أردت نقله مع اختصار لبعض الجمل.
أيها الأخ المسلم والأخت المسلمة _ وأنت المعنية في هذا السياق _ ليقم كل منكما بما يخصه وما يقدر عليه من متربية طفله فإن طفلكما قد يصبح خليفة أو أميرا، أو وزيرا أو قائدا، أو قاضيا، أو غير ذلك من المناصب، فإن أحسن فلكما حظ عظيم من إحسانه، وإن أساء فعليكما وزر كبير من إساءته، وفي هذه الفصول التي اختصرتها من كتاب (تحفة الودود في أحكام المولود) للعلامة ابن القيم رحمه الله فوائد عظيمة في تربية الأطفال، الجسمية والروحية والعقلية الاجتماعية، فليعض عليها بالنواجذ من يريد أن تحمد عقباه وعقبى أولاده في الدنيا والآخرة.